وفي التاريخ كل العبر .. ليست مجرد جملة أو كلمة تُقال ، إنها واقع بالفعل ، وهي اشياء جعلتنا نراجعها وننظر لها بدقة وعناية .. فالتاريخ يعرفنا الحاضر ويمكننا من توقع سيناريوهات المستقبل
في هذه المقالة سنتحدث عن أهم قضية تشغل العالم منذ التاريخ القديم وحتي اليوم ..
إنها ارض فلىىىطين الحبيبة ، أو كما عرفت في العصور القديمة بأرض كنعان .
لنبدأ بالسؤال الأهم - ما قصة الأرض الحبيبة فلىىىطين ، ومن أول من سكنها ولما سميت بهذا الإسم ؟
- تكثر الروايات عن سبب هذه التسمية فأغلب المؤرخين قد اتفقوا علي أن الإسم مأخوذ من كلمة
" كنع " وتعني ( الأرض المنبسطة الدافئة ) وأطلق علي أول من هاجر إليها " الكنعانيون " ، ولكن هناك عدد من المؤرخين يري أن لقب كنعان مأخوذ من كنعان بن حام ابن نوح عليه السلام ، لكن لم يؤيد الكثير هذا الاعتقاد ..
هل ارض كنعان في السابق كما هي حالياً فلىىىطين ؟
- أرض كنعان كانت تشمل فلسطين ولبنان والاجزاء الغربية من الأردن وسوريا ، وتميزت هذه المنطقة بجودة تربتها وخصوبتها ومناخها المعتدل والهواء النقي فكانت محط أنظار الطامعين عبر العصور !
لكن كيف ارتبط اسم هذه الأرض الطيبة بقصة طوفان النبي نوح عليه السلام ؟
عندما بدأ الطوفان كان علي متن السفينة التي أقامها النبي نوح ثلاثة من الأبناء وهم ( سام وحام ويافث ) أما الابن الرابع هو الإبن العاصي ( يام أو كنعان ) الذي أبي أن يطيع النبي نوح ولجأ الي جبل الجودي ليحتمي به ..
وبعد أن رست السفينة بأمر الله ، أنتقل أبناء النبي نوح الي الأرض ليعمروا فيها ؛ حيث انتقل ( سام ) الي شبه الجزيرة العربية ، أما ( حام ) فاستقر في شمال أفريقيا ، أما ( يافث ) توجه إلي ما كان يعرف بأرض الروم أو كما تسمي حالياً أوروبا ..
وما نريده هنا هم قوم ( سام ) الذين استقروا في شبه الجزيرة العربية وبعضهم هاجر من شبه الجزيرة العربية إلي شمالها في ارض فلىىىطين أو كما كانت تعرف بأرض كنعان للبحث عن الاستقرار حيث توجد الأراضي الخصبة والأنهار العذبة بدلاً من الصحراء والظروف الصعبة في شبه الجزيرة العربية ، فكانت أولي الهجرات البشرية الهامة الي تلك المنطقة في بداية الألف الثالثة قبل الميلاد وبدأ المهاجرون الجدد يعمرون المنطقة ويعيشون في سلام حتي بدأت الأحداث تتوالى ..
الكنعانيون بنوا حضارتهم من البداية وتركوا تراث عمراني عظيم كما أوضحت الرسائل القديمة التي كتبت باللغة الكنعانية ، ومنها انبثقت اللغة العبرية واللغة الفينيقية ..
في أواخر القرن الثاني عشر قبل الميلاد بدأت سلسلة من الهجمات تتوالي علي هذه الأرض من قبل ( القبائل الكريتية ) وهي القبائل القديمة التي كانت تحاول غزو مصر عبر البحر المتوسط في الماضي وعرفوا بشعوب البحر المتوسط ، وعندما فشلوا توجهوا بجيوشهم وأسلحتهم نحو أرض كنعان ( فلىىىطين ) شعوب البحر المتوسط لقب أطلقه المصريون القدماء علي هؤلاء الغزاة وهو ما يعرف باليونانية بإسم ( بيليست أو باليستو ) ..
بدأ شعوب البحر المتوسط سلسة من الغزوات وبالفعل استقروا في يافا وغزة فسميت تلك المنطقة ( فلىىىطين ) نسبة الي القبيلة الكريتية باليستو التي سيطرت عليها وباليستوا تعني في اللغة اليونانية القادمون من البحار ..
لم يستغرق أهل هذه القبيلة وقت حتي اندمجوا مع الكنعانيين السكان الأصليين لهذه الأرض وعاشوا معاً فأصبحت جميع الأراضي الساحلية والداخلية تسمي باسم ( فلىىىطين ) ..
لم يكن هذا الحدث الوحيد الذي حدث علي أرض فلىىىطين فقد حدث حدث عظيم ، وهو وصول أعظم الانبياء الي أرض فلىىىطين وهو النبي إبراهيم عليه السلام ، بعد أن هاجر من مدينة أور العراقية هارباً من ظلم قومه ومن فلسطين ذهب إلي مصر في رحلة شهيرة نعرفها جميعاً ثم الي أرض كنعان مرة أخري ثم إلي شبه الجزيرة العربية ثم عاد مجدداً الي أرض كنعان .. حيث رزق باسحاق من زوجته الأولي سارة
والنبي إسحاق انجب النبي يعقوب عليه السلام الذي يلقب بـ ( اىىىرائيل ) وينسب إليه بنو اىىىرائيل القدامى ..
تمضي السنوات والأيام ويرزق النبي يعقوب عليه السلام بـ ١٢ ولداً بينهم النبي يوسف عليه السلام والذي نعلم جميعاً عن قصته مع إخوته والتي ذكرت في سورة يوسف التي خصصت لسرد قصة النبي يوسف والتي تخبرنا بأنه أصبح والياً في مصر بعد أن ظلمه إخوته ظلماً شديداً ، فزاره النبي يعقوب هو وأبنائه في مصر بعد أن عانوا من نقص في المورد في فلىىىطين فاستقروا في مصر مع النبي يوسف بعد أن عفا عن إخوته الذين خذلوه وتخلوا عنه في السابق ، ومع مرور الزمن اخذت سلالة بنو اىىىرائيل تنموا شئ فشيئاً ، ومكثوا كل هذه المدة في مصر إلي أن جاء عهد النبي موسي عليه السلام ..
وهنا ننتقل الي حدث آخر وهو :
خروج موسي وبنو اىىىرائيل من مصر
ويقال انهم خرجوا في عهد ( الملك رمسيس الثاني ) وفي روايات أخري في زمن ( مرنبتاح ) بعد أن تعرض النبي موسي ومن معه من بني اىىىرائيل من اضطهاد دفعهم الي الهجرة والهروب من مصر فاتجهوا نحو فلسطين مجدداً لكن وصولهم الي أرض كنعان هذه المرة لم يكن سهلا ، حيث ضاعوا في الصحراء لمدة 40 عاماً ويقال أن هذه الصحراء هي سيناء المصرية ..
وبعد مرور ال40 عاماً دخلوا فلسطين بعد وفاة النبي موسي عليه السلام حيث جاء يوشع بن نون وعبر بهم إلي اريحا في فلسطين وهنا كانت فلسطين محكومة بعهد يعرف بعهد ( القضاء) ، والذي استمر قرابة قرن ونصف من الزمن حكم فيهم حوالي ١٢ قاضياً ، ثم حكم طالوت فلسطين ، وبعدها جاء عهد الملوك والذي كان منهم سيدنا داوود بعد أن قتل طالوت الظالم ووحد بنو اىىىرائيل مرة أخري وقضي على الخلافات والحروب التي كانت بينهم ، واستطاع هزيمة اليبوسيين وتأسيس أول مملكة لبني اىىىرائيل في جزء من أرض الكنعانيين العرب أي أرض فلسطين ..
بقي الحالي علي ما هو عليه حتي عهد سليمان بن داوود عليهما السلام ، لكن بعد وفاة النبي سليمان عليه السلام عادت الخلافات مرة أخرى بين بنو اىىىرائيل وانقسمت مملكتهم وسط هذه الخلافات
حيث قامت مملكة ( يهوذا ) في القدس ، ومملكة ( اىىىرائيل ) في السامرة ( بالقرب من نابلس حالياً )
فحدثت حرب عظيمة بين المملكتين ، واستعان كلاً منهم بقوي خارجية فمنهم من طلب المدد من ملوك مصر ومنهم من استعان بالاشوريين ( مدينة من مدن العراق )
- استغل ملك مصر ( شيشق ) الخلاف الذي كان بينهم وهاجم مملكة ( يهوذا ) واحتلها فأصبحت في ذلك الحين تابعة للدولة المصرية ، وكذلك فعل الآشوريين فهجموا علي مملكة اىىىرائيل ومملكة يهوذا فاحتلوهما وفرضوا الجزية عليهم ، وهنا كانت المعاناة لسكان مملكة ( اىىىرائيل ) فتم أسر معظمهم في العراق لمحاولتهم التمرد علي الآشوريين ؛ أما مملكة يهوذا فقد انتهت تماماً بعد أن هجم أحد حكام العراق وهو الملك الكلداني ( نبوخذ نصر ) على أرض فلسطين في عام 597 ق.م والذي تمكن من الاستيلاء على القدس عاصمة يهوذا وأخذ ملكها وعائلته ومعظم عائلته أسري للعراق وأقام في القدس مُلكاً عظيماً ..
حاول بقايا اليه.ود في تلك الفترة التمرد علي سلطان بابل في فلسطين ، فعاد الملك نبوخذ نصر واحتلها من جديد ولكن في هذه المرة دمر القدس تماماً ، ومحي كل أثر لبني اىىىرائيل !!
وهنا عادت فلسطين كنعانية عربية تستقبل العرب من سوريا ومن شبه الجزيرة العربية .. وهكذا تكون دولة اليه.ود قد اختفت في فلسطين بعد أن عاشت لمدة أربعة قرون فقط ، حاول خلالها الانبياء الذين أرسلوا كرسل لبني اىىىرائيل الاستقرار وبناء مملكة في جزء من الارض التي كان يسكنها الكنعانيون العرب ، لكن خذلوا الانبياء وخذلوا أنفسهم وبقي أهل أرض كنعان العرب ..
ومنذ ذلك التاريخ ولمدة ألفين عام تقريباً ، لم يذكر التاريخ أن دولة أو مملكة قامت لبني اىىىرائيل ، حتي يدعي المحتلين الآن والدول الاستعمارية أنها أرضهم التاريخية !!!
بعد قفزة زمنية بدأت بريطانيا في تهجير اليه.ود من جميع دول العالم الي أرض فلسطين الطيبة بحجة أنها وطنهم السابق وأنهم لهم الحق فيها كما هو الحق للعرب !
لكن هذه ليست حقيقية فالحقيقة بعيدة كل البعد عن هذه الرواية ، فلم تكن دول أوروبا الاستعمارية لتقيم وزناً إلا لمصالحها الشخصية !!
لم تفعل بريطانيا هذا الأمر لتعطي الحق لأصحابه كما تدعي وانما فعلت هذا للتخلص من المشاكل التي كان يسببها اليه.ود في دول أوروبا بالإضافة إلي الأموال التي دفعت من الحركات الص.هي.ون.ية لشراء أرض فلسطين بعد العديد من المحاولات الفاشلة لاقتلاعاها من الدولة العثمانية ، لكن بعد انتهاء الخلافة العثمانية الإسلامية أصبح الوضع مهيأ لبريطانيا لتهجير هؤلاء الجرذان الي أرض فلسطين الطاهرة ..
عندما وصل الجرذان الي أرض فلسطين لم يقبل بوجودهم عربي او حجر أو حيوان أو طائر واحد ، فقد ارتكبوا أبشع المجازر بحق اهلنا وإخواننا المسلمين في فلسطين وأشهرها المذبحة المعروفة مذبحة دير ياسين وطردوا العرب من ديارهم وسلبوهم أموالهم .. فهاجر العرب الي الدول العربية علي أمل العودة إلى بلادهم برفقة الجيوش العربية !
فهل تنهض جيوشنا العربية لنصرة إخواننا ؟
تعليقات
إرسال تعليق